Page 94 - web
P. 94

‫موضوع العدد‬                                                                                      ‫مقالات وآراء‬

 ‫سياسات مكافحة الإرهاب وخطر الذئاب‬                                                          ‫ابتهال مسعود الطلحي‬
                ‫المنفردة‬
                                                                                          ‫جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية‬
‫ظهـرت ظاهـرة الذئـاب المنفـردة في السـنوات الأخرية كوجـه جديـد للإرهـاب وخاصـة‬
‫في مناطـق مثـل أوروبـا وأمريـكا‪ .‬وتعـرف الذئـاب المنفـردة بكونهـم أفـرا ًدا تمـت عمليـة‬                   ‫‪94‬‬
‫تطرفهـم وشـنهم لهجمـات إرهابيـة بشـكل ذاتي‪ ،‬وقـد يكـون قـد اسـتوحى ذلـك مـن‬
‫أيديولوجيـة كيانـات أو جماعـات إرهابيـة معينـة‪ ،‬ولكـن لا يتلقـى أي نـوع مـن أنـواع‬
‫الدعـم سـواء أكان تشـغيل ًيا أو تنظيم ًيـا مـن قبـل هـذا الكيـان‪ .‬ولا تعـد هـذه الظاهـرة‬
‫حديثـة في نشـأتها‪ ،‬ففـي عـام ‪ ،1995‬شـن تيمـوني ماكفـي وهـو مؤيـد لسـيادة‬
‫البيـض‪ ،‬هجو ًمـا إرهاب ًيـا عني ًفـا عنيـف على مبنـى الفريـد مـوراه الفيـدرالي في مدينـة‬

                           ‫أوكلاهومـا‪ ،‬ممـا أسـفر عـن مقتـل ‪ 168‬وإصابـة المئـات‪.‬‬
‫وارتفـع عـدد الهجمـات الإرهابيـة التـي تـم تنظيمهـا وتنفيذهـا مـن قبـل الذئـاب‬
‫المنفـردة‪ ،‬ففـي الولايـات المتحـدة على سـبيل المثـال ارتفعـت بنسـبة ‪ .40%‬وهنـاك‬
‫كيانـات إرهابيـة مثـل تنظيـم الدولـة الإسلامية اعتمـدت على هـذه الظاهـرة كتكتيـك‬
‫لتنفيـذ عملياتهـا في مناطـق جغرافيـة عـدة‪ ،‬حيـث شـهدت الـدول الأوروبيـة ارتفا ًعـا‬
‫في الهجمـات منـذ ظهـور التنظيـم في عـام ‪ .2014‬وتعتمـد الكيانـات الإرهابيـة على‬
‫الذئـاب المنفـردة كتكتيـك تشـغيلي عندمـا يهـدف الكيـان لتعزيـز نفـوذ عملياتـه في‬
‫مناطـق يتعـذر الوصـول إليهـا مـن قبـل أعضـاء الكيـان أو المجموعـة نتيجـة لتطبيقهـا‬
‫إجـراءات أمنيـة صارمـة‪ .‬كمـا يعـد التكتيـك فعـا ًل كاستراتيجية للكيانـات الإرهابيـة‪،‬‬
‫مقارنـة بالهجمـات الإرهابيـة مـن قبـل الكيانـات في الـدول التـي تتميـز بصرامـة‬

                                                    ‫سياسـات مكافحـة الإرهـاب‪.‬‬
‫وهنـاك عـدة عوامـل سـاهمت في ظهـور هـذه الظاهـرة وأبرزهـا التطـور التكنولوجـي‪،‬‬
‫الـذي سـاهم في تسـهيل عمليـة التواصـل بين الذئـاب المنفـردة والكيانـات الإرهابيـة‬
‫التـي تنتمـي إليهـا إن وجـد مـن خلال برامـج الإنترنـت ومواقـع التواصـل الإلكتروني‪.‬‬
‫وتم توظيف التطور التكنولوجي لدعم عمليات التجنيد والتطرف‪ ،‬حيث إن أغلب‬
‫الذئـاب المنفـردة تـم تجنيدهـا وإدراجهـا في عمليـة التطـرف الأيديولوجـي بشـكل‬
‫مباشـر أو غري مباشـر مـن خلال الأنترنـت ووسـائل التواصـل الاجتماعـي‪ ،‬ويمكـن أن‬
‫يكـون التجنيـد ناب ًعـا عـن دوافـع نفسـية أو اجتماعيـة‪ .‬كمـا سـاهمت التكنولوجيـا في‬
‫نشـر الأيديولوجيـة والدعايـة للهجمـات الإرهابيـة التـي يتـم شـنها مـن قبـل الذئـاب‬
‫المنفـردة مثـل تسـجيل الهجـوم الإرهابـي ونشـره‪ .‬بينمـا سـاهم ظهـور كيانـات إرهابيـة‬
‫مثـل تنظيـم القاعـدة وتنظيـم الدولـة الإسلامية (داعـش) في تشـجيع الهجمـات‬
‫الإرهابيـة مـن قبـل الذئـاب المنفـردة مـن خلال الدعايـة لأيديولوجياتهـا التنظيميـة‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99